لفترة طويلة جعلت اللغة موضوع بحثى
واتفقت مع كثيرين على اعتبار المواضعة اللغوية أصلا فى اعتماد الفاظ معينة لدلالة معينة
وكثيرا ما كان يطن بأذنى أن اللغة العربية غنية بمفرداتها وقادرة على التعبير عن المعانى بكفاءة أكثر من أى لغة أخرى .
ولعل مجهود أعضاء المجامع اللغوية واضح فى هذا المجال فهم يصرون على تجاهل المواضعة اللغوية التلقائية من طرف الشارع ويلجأون لمواضعات لغوية متكلفة كتسميتهم الراديو (إذاعة )والتليفزيون (مرناة )
هذا فقط لإصرارهم على ان مجموعة الجذور اللغوية المتوفرة منذ اكثر من ألف وأربعمائة عام وحدها قادرة على الوفاء بما نحتاج من مصطلحات وليس علينا إلا إدخال هذه المصطلحات فى آلية الإشتقاق العربية واستخدام الحروف الزائدة للدلالة على الفعل أو الإنفعال أو التفعل أو الإستفعال .....إلخ
ولفترة قصيرة مضت لاحظت عجزى عن التعبير عن حدث متكرر ولكن المواضعة اللغوية الرسمية تجاهلته
هذا الحدث هو الفعل الجنسى بين ذكر وأنثى
فتسمياته جميعها ترجع لمعنى مجازى
ففى القرآن ترد آية تقول (فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به )وقوله تغشاها يقصد به الفعل الجنسى .وواضح لكل ذى لغة التعبير المجازى الذى اتسم بالحياء
وشيوخنا لا يستخدمون سوى لفظ الجماع للدلالة على الفعل الجنسى ومجازيته واضحة من الاجتماع والخصوصية .
وعندما نستطرد فى البحث سنجد مفردة (إيلاج )وهى تعنى (إدخال )وهى تنطبق على إدخال سيارة فى مرآب أو خيط فى فتحة إبرة
حتى لفظ نكاح المقصود به الزواج وليس الجنس حتى هذا اللفظ مجازى فنكح بمعنى ضرب
خلاصة البحث أنه ليس هناك لفظ عربى واحد يعبر عن الفعل الجنسى مباشرة
حتى فى العاميات المحلية المختلفة بين الأقطار العربية سنجد لفظ مجازى يعبر عن الفعل الجنسى
ففى مصر نستعمل كلمة (ناك)كفعل للدلالة على الفعل الجنسى وهى تعنى ضرب بل هى مستخدمة بدلالتها المباشرة (ضرب )فى المغرب العربى
سمعت مرة سيدتان من تونس تقول احداهما للأخرى :وناكنى على راسى !!! بمعنى ضربنى على رأسى
واللفظ المستخدم للدلالة على الفعل الجنسى فى تونس هو (كسَر) بتشديد السين وهو موازى للمصطلح المصرى .
واستنتاجى الوحيد من كل هذا ان العقل العربى يحاول أن يتجاهل الجنس أو الفعل الجنسى إن شئنا التحديد كعقل يدعى الفضيلة فلم يضع مصطلحا للدلالة على هذا الفعل رغم كثرة المرادفات التى تصف الفعل الواحد على أصعدة أخرى.
إذا وضعنا هذا فى اعتبارنا عند النظر إلى المعارك الدائرة هنا وهناك ومن وقت لآخر حول( الحجاب- الحرية الجنسية -الاختلاط ) وأى موضوعات ذات علاقة
سنلاحظ دون جهد كثير مدى العنف اللفظى المستخدم من جهة المحسوبين على العامة ومؤيدى الوضع القائم
بل والتخندق أمام مفاهيم قمعية للنساء وتربط بين الفضيلة وبين وجهات نظرها الغوغائية
ولأن اللغة هى صورة الفكر... و الفكر هو مادة اللغة
علينا أن ندرك مدى صعوبة معركة التنوير فى الجبهة النسوية
فالمشكلة ليست فى الرجال فقط كما انها ليست فى النساء فقط
بل هى كامنة فى طريقة التفكير المتداولة نفسها أو فى اللغة التى يدرك الناس بها ما يقصدون من أغراض
2024 اغسطس , و الايام بتهبد لسه
قبل شهرين (2)