الثلاثاء، مارس 27، 2007

بعد اسدال الستار

دخلت الحياة السياسية المصرية منعطفا جديدا بعد 26\3بعد أن أرسى النظام دعائم حكمه كما يريد بل كما لم يحلم أحد وانحدرت البلاد الى سفح التاريخ مستقرة عند القرون الوسطى حيث ينقسم الناس الى عامة ونبلاء .ولكن هذا لم يحدث فى غير مقاومة من المثقفين ومن الوطنيين وحتى من التيارات الدينية .فلماذا فشلت المقاومة ؟وهل من درس وراء ذلك ؟
تتكون أطياف المقاومة (المعارضة) السياسية المصرية السلمية المصريه من أطياف وانتماءات مرجعية مختلفة مثل اليساريين (شيوعى مصرى -اشتراكى ثورى -يسار ديمقراطى)-الاسلاميين(اخوان مسلمين -وسط اسلامى-لا هذا ولا ذاك)-ليبراليين (منهم من كان مرتميا فى احضان النظام ثم انشق عندما يئس من اصلاحه -ومنهم من جاء على خلفية ثقافية مرجعية بحتة )
هذه الفسيفساء السياسية الفاشلة لماذا فشلت ؟
فشلت لأنها تحمل فى طياتها عوامل فشلها !!!!!!!!!
انصهرت كل هذه الفسيفساء شكليا فى ما يسمى حركة كفاية التى أفرزت شباب من أجل التغيير .وهما وان غلب عليهما صوت اليسار الا ان الأمر لا يخلو ممن يؤذن للاسلام .أو ممن ينفخ بوق الليبرالية
هذا الانصهار ظل شكليا .وسيظل كذلك ان كان مكتوبا لهذه القوى أن تستمر لأسباب عديدة هى نفس أسباب الفشل _فشلها فى احداث أى تقدم _أو انجاز من قائمة مطالبها _بل ما حدث ولسخريتى كان عقابا للناس كل الناس على ما جناه البعض.
- رغم قرب أفراد تلك الحركات من الشارع واحساسها به الا انها لم تترجم نبضه بل لم تبال به لالتصاقهم بالمرجعية وانفصالهم عن الناس .
فكل طيف سياسى يفضل بقاء الوضع كما هو عليه على تقدم أى طيف آخر لحمل الراية
رغم أن بديهيات العمل السياسى تؤكد أنه عليك أن تتحالف حتى مع الشيطان لتتخلصا سويا من عدوكما المشترك .ثم عليك بعد ذلك أن تنقلب على حليفك المؤقت اذا وصل للحكم لتستكمل لائحة مطالبك-لكن هذا لم يحدث .رغم دراية الكثيرين بهذا التكتيك ورغم عقدهم لتحالفات كانت من الهشاشة بحيث لم تستطع أن تنفذمشروعا واحدا على الأرض .لأن صوت المرجعية كان أعلى من صوت المصلحة الوطنية المشتركة
- لم تستطع فسيفساء المعارضة المصرية بتنوعها افراز قيادة كارزمية تستطيع أن تجمع حولها المريدين والمؤيدين .ويلخص المطالب البرجوازية السياسية والعمالية الانتاجية وحقوق البسطاء والمهمشين فى شخصه كزعيم حتى يتعلق به العامة كأمل فى غد أفضل أو حتى كرسول العناية الالهية .هذه القيادة الكارزمية هى وحدها القادرة على حشد الناس فى صعيد واحد مهما اختلفت انتماءاتهم وتبديد الخوف من هراوة الأمن
- ولعل التاريخ المصرى الحديث يقدم لنا مثالا لذلك :فسعد زغلول لم يقم بالثورة سنه 1919 بل ان الحراك السياسى وقتها أفرز قادة قدموا للناس تصورا قادرا على التمرير فى الشارع وقتها
هؤلاء القادة صعدوا منهم سعدا ليحرك الناس ويحشدهم ولكن هذا لم يحدث فى الفترة ن 2005 الى 2007
فالبداية متشابهه فى الظرفين ولكن الخطوة التالية تمت فى 1919 ولم تتم فى 2007
- استطاع مصطفى كامل أن يغرس شجرة الوطنيه فى قلوب المصريين فى بداية القرن العشرين كما استطاع أن يستند على دعم دولى محدود .هذا الدعم الذى كان محدودا هو الذى استطاع أن يضع النظام السياسى فى موقف الحرج .ثم ما لبثت جذوة النضال أن اشتعلت اثناء وبعد الحرب العالمية الأولى مستفيد من التغيرات السياسية وخريطة جديدة للعالم على وشك الظهور -ظهور الاتحاد السوفيتى -هزيمة المانيا -احتضار الدولة العثمانية.فلم تظهر ثورة 1919العداوة للخاج الأجنبى الا فيما يخص مصر كبلد تحت الاحتلال البريطانى
وعندما نراجع لائحة مطالب حركة كفاية سنجد أنها فى حالة عداء مع المجتمع الدولى - أو ان شئنا الدقة فى حالة عداء مع ذلك الجزء الوحيد من المجتمع الدولى القادر على دعمها
هذا العداء مع الخارج جعل الخارج يغض الطرف عن الاستبداد بل ويتواطأ معه ويساومه على مواقف تخص الوضع الاقليمى مقابل غض الطرف عن الظلم